⚙︎
عودة للموقع ←


الفصل العاشر


اللامركزية في الإدراك 🔗

(فهم الحياة ليس حكراً على أحد) 🔗

بدأت فكرة هذا الكتاب حول زهرة اللوتس بالتفتح تدريجياً إثر صدور اعلان من مجلة فلسفية يدعو إلى إرسال مقالات للنشر حول مواضيع يمكن أن تثير نقاشاً، أو تلقي ضوءاً جديدأً على مفاهيم سابقة.

كان ذلك مناسبة مواتية لتقديم موضوع يحوي تحدياً للفكر السائد عموماً في الفلسفة الغربية: حول كيفية انتقال الأفكار من حضارة إلى أخرى.

فمن المقبول في الفكر السائد بشكل عام أن الحضارة الأقدم زمناً تؤثّر على غيرها وتنقل إليها تراثها أو مفاهيمها بشكل أو بآخر. وقد أدّت هذة النظرة إلى تسابق وتناحر بين مفكرين ينتمون إلى مختلف الشعوب في نقاشات حول من هو الأول أو الأسبق في إنجاز ثقافي ما، وذلك لأجل نيل اعتبار خاص لإنتماء تاريخي معيّن.

ولكن إدراك الفكر لظاهرة ما يتعلّق فقط بفكر الشخص الذي أدركها، وليس هناك من دعم عقلاني يبرر الإدّعاء “باستيراده للإدراك” من مكان آخر.

فمن الممكن، بل ومن الطبيعي، أن يتم إدراك موضوع معيّن في أماكن مختلفة في العالم - أو في أزمنة متباعدة في التاريخ - دون أن يكون هناك معرفة أو أي اتصال بين المفكرين (الذين قد وصلو إلى نفس النتائج في ادراكهم لنفس الموضوع). أي أن الإدراك (أو التبصّر في المعرفة) ظاهرة غير مركزية، بمعنى أنه ليس لها حدود زمنية أو مكانية.

ويمكن إيراد أمثلة تبيّن أن الإدراك الفكري للإنسان ليس مركزياً (أي ليس خاصّاً بأولوية حضارة معينة أو شخص معيّن). على أن هذه الأمثلة محددة عموماً بالإكتشافات العلمية أو الإختراعات التكنولوجية، كما مثلاً في اختراع الهاتف أو اكتشاف حساب المشتقات في الرياضيات، وغير ذلك من انجازات توصّل إليها أفراد متباعدين كل على انفراد، وبشكل مستقل.

وتدرج الأبحاث العديدة حول ظهور الأفكار الجديدة في المجال العلمي تحت اسم ظاهرة معروفة تدعى ب “الإكتشافات المتزامنة Inventions Simultaneous”.

لاشك أن أصل أي اكتشاف علمي هو أساساً الإدراك Insight لمجمل الفكرة الجديدة في فكر المكتشف.

وبما أن الموضوع يدور حول بزوغ الأفكار الجديدة في بصيرة اشخاص من أماكن منفصلة، إذن يمكن تسمية ظاهرة الإدراك الغير محدد بمكان أو زمان ب “اللامركزية في الإدراك” Nonlocality of Insight .

ولكن الإدراك (أو الوعي إلى وجود معنى أو فائدة في أمر معيّن) يتخطّى حقل الظواهر الفيزيائية والإكتشافات، إذ يشمل أيضاً عمل الفكر في في حقل القيم الجمالية والأخلاقية أو في مجال الناحية الروحية.

فإذا كان التوصل إلى نفس الإختراع العلمي ممكنأ في فكر شخصين متباعدين لم يكن بينهما اتصال – فماذا عن التوصل إلى نفس القيم الجمالية والروحية بين شعبين لم يكن بينهما اتصال ولا معرفة مسبقة؟

في الواقع، نجد أن ظاهرة التنافس بين المخترعين أو المكتشفين لأمور علميّة حول من كان ذو السبق – لها أيضاً ظل ووجود في حقل الإدراك الثقافي والروحي.

لابّد أن هناك دوافع نفسيّة وعاطفيّة وراء فكرة الأولوية الزمنية قي تاريخ الشعوب ( أي من هو “الأوّل” أو “الأصل”) في الوصول إلى إدراك ثقافي أو روحي ما.

ويؤثّر هذا التحيّز التاريخي على عواطف ومشاعر الكثيرين في رفضهم أن يكون غيرهم قد توصّل بشكل مستقل إلى نفس القيم التي توصّل إليها أجدادهم.

هذا “الهوس بالأولوية” سبب يمنع ويعاند فهم الواقع اللإنساني من منظور أن الإدراك الروحي يمكن أن يكون مشتركاً وليس حكراً على مصدر معيّن فقط.

ففي نقاشات على الإنترنت بل وفي مراجع ثقافية أكاديمية أيضاً حول موضوع تقدير القيم الجمالية والروحية لزهرة اللوتس كمثال – ظهر الكثير من التعنت من قبل جانبين كل منهما يدّعي الأولوية في الحضارة.

فكما هو معروف وبشكل خاص في المراجع المتداولة، كان تقدير (أو حتى تقديس) زهرة اللوتس مشتركاً في حضارتين متباعدتين دونما اتصال مشترك: الحضارة المصرية والحضارة الهندية. على أن نقاشات الإنترنت المفعمة بالعاطفية - بل وحتى آرآء بعض الباحثين الأكاديميين - تفوح بالفخر بأنه لولا أصله الذي ينتمي إليه لما استطاع الجانب الآخر التوصل إلى تقدير قيمة اللوتس في فكره الروحي أو معتقداته!

الفارق بين “المركزية” و"اللامركزية" - في الإدراك 🔗

يعتمد مفهوم “المركزية في الإدراك” على أن أصل الإدراك الروحي للمفاهيم كان له “مركز أولي” ثم انتشر إلى أماكن أخرى عن طريق التأثير التجاري او الإخضاع الحربي.

ولكن هذا الإتجاه في تفسير الأمور يستند ضمناً على فرضية تدّعي أن الإدراك الفكري الذي ظهر في منطقة ما هو نتيجة لإدراك فكري كان قد ظهر في منطقة أخرى. وفي هذا الإدعاء مبالغة في إيلاء منطقة (أو قبيلة ما) المقدرة على السبق في إدراك حقائق أو معتقدات معيّنة – بينما يفترض أن منطقة أو قبيلة أخرى بحاجة إلى معلّم خارجي.

ويمكن إدراج هذا الإتجاه في تفسير مسار الفكر الروحي تحت عنوان الوهم بفوقية شعب على آخر وأولويته الحضارية.

وعلى العكس من ذلك، يقوم مفهوم “اللامركزية في الإدراك” على أن الإدراك الروحي مصدره الفكر الإنساني الذي يزدهر ضمن توفرّ ظروف مواتية. وليس لأحد أو منطقة أحقيّة في الإدعاء بالمركزية والأولوية.

فالفكرالإنساني ليس ملكية خاصة بمنطقة أو بشعب ما. والتوصّل إلى المعرفة الروحية أو الجمالية ليس حكراً على أحد.

وكمثال: كان التقدير أو التقديس الروحي لقيمة الشمس في التاريخ مشتركا بين اليابانيين والمصريين وسكان أمريكا الوسطى ولربما حضارات أخرى كذلك.

ومن غير المنطقي أن يفكر البعض أن التشابه في المعتقدات حول تقدير قدرة الشمس كان بسبب تأثير حضارة على أخرى لأن الإنسان يدرك بالفطرة مدى ضرورة الشمس للحياة، ولاداع لأن يعلمه أحد قادم من مكان آخر عن ذلك.

كذلك الأمر بالنسبة لزهرة اللوتس:

فكل الناس تدرك بالفطرة معنى الجمال ، وليس من المقبول عقلانياً أن حضارة ما قد علّمت غيرها أن الشمس ضرورية أو أن اللوتس ذات جمال باهر، وكأن مفهوم الإدراك الجمالي أصبح مجال براءة اختراع تدّعيه حضارة على أخرى.

لذلك بدأ مسار هذا الكتاب أولاً في مقال حول تعميم مبدأ " اللامركزية في الإدراك" على الناحية الروحية باتخاذ زهرة اللوتس مثالاً مفيداً لدحض فكرة إحتكار الحضارة الهندية أو المصرية القديمة لموضوع الإدراك الجمالي والروحي لزهرة اللوتس.

في البدء، كان مفهوم “اللامركزية في الإدراك” موضوع مقال قصير نشر فيما بعد في مجلة فلسفية (*). ولكن الفكرة تطورت بشكل كبير وتوسعّت لتصبح بشكل هذا الكتاب، خاصة بعد توفرّ عنصر جديد: وهو اكتشاف حفريات تبيّن تقدير سكان أمريكا الوسطى من حضارة المايا لزهرة اللوتس في الطقوس والمعتقدات الدينية التي كانت متبعة آنذاك، في تلك الحضارة القصيّة.

تشير المصادر الدراسية أن حضارة المايا كانت ثقافة محليّة معزولة تماماً عن العالم القديم حتى الغزو الإسباني في القرن السادس عشر.

ولايتوفرّ اي دليل على اتصال حضاري بين الهند والمكسيك ومصر أو تبادل تجاري أو ديني .

بذلك اتسع حقل النقاش حول مفهوم المشاركة التلقائية في المعتقدات الروحية ليشمل حضارة المايا أيضاً في مثال زهرة اللوتس.

ولربما كان هناك حضارات أخرى متباعدة في أمكنة أخرى من العالم شاركت في نفس المشاعر الروحية حول اللوتس ولكنها لم تترك آثاراً يمكن الإشارة إليها.

وخلال هذا المنظور في اتخاذ اللوتس رمزاً لمبدأ عمومية الإدراك الإنساني (أي اللامركزية في الإدراك الجمالي والروحي) – كان من الضروري إيراد إثباتات من سجلاّت وآثار الحضارات الثلاث: مصر القديمة، وشرق آسيا وأمريكا الوسطى – كما قدمّه هذا الكتاب في الفصول السابقة.

لاشك في أن تراث مصر القديمة لا يعلى عليه في دقته وغزارته وجماله – بينما تركز المصادر الآسيوية على الناحية الفلسفية وعلى السجلات الدينية وبشكل خاص السجلات البوذية المسماة بالسوترا (أو التعاليم المكتوبة) وفي مقدمتها تعاليم فلسفة اللوتس.

وفي الواقع الزمني الذي نعيش فيه، فإن التقاليد المصرية في التقدير الروحي لزهرة اللوتس قد زالت من الممارسة وتحولت إلى مجرد تاريخ ثقافي شيّق.

يقابل ذلك توفرّ العديد من السجلاّت والكتابات الهندوسية والبوذية حول الموضوع - قديماً وحديثاً - مما يبيّن استمرارية تأثير الإعتبارات القديمة للقيم الجمالية والروحية للوتس في العصر الحديث.

وقد اعتمدت السجلاّت المصرية القديمة وكذلك الكتابات البوذية حول زهرة اللوتس أسلوب الإشارة إليها بشكل أشعار وقصص أدبية رائقة، وهو أسلوب يتيح مرونة التعبير وابداع حقول من التصاوير الممتعة، كما أُشير إليه في أمثلة داعمة في هذا الكناب.

هل الجمال خاصيّة كونية لاعلاقة لها بإحساس الإنسان؟ 🔗

خلال البحث عن مصادر علمية حول تاريخ زهرة اللوتس، ظهر موضوع يثير الشغف. ذلك أن المصادر الجيولوجية تشير إلى اكتشاف مستحاثات لزهرة اللوتس في الأرجنتين تعود إلى أقدم من 60 مليون سنة – مما يشير إلى كونها من أقدم الزهور.

واكتشاف تلك المستحاثات المذكورة لزهرة اللوتس لايعني أن مصدرها هو أمريكا الجنوبية، بل يعني أن ظروف التربة والعوامل الجيولوجية في مكان اكتشافها كانت مناسبة لحفظها، ولربما توجد مناطق أخرى في العالم تحفظ سجلاً مماثلاً عن تاريخ ظهور اللوتس.

ومن هذة المستحاثات النباتية يمكن إعادة تشكيل صورة تلك الزهرة المغرقة في القدم، تماماً كما كانت قبل ملايين السنين – وكيف أنها كانت آنذاك بنفس الرونق والجمال الذي تجسّده في الوقت الحاضر.

إننا نحكم الآن على اللوتس بحواسنا الحالية حكماً بكونها ذات جمالٍ ورونق. على أن الإنسان لم يكن له وجود في زمن تلك الزهور التي حفظتها المستحاثات المكتشفة، والتي أظهرت نفس التشكيل والتناسق الرائع للوتس.

فإذا اعتبرنا أن الزهرة كانت تتصف بالجمال في ذلك الزمن السحيق، فهذا يعني أن صفة الجمال ليست انطباعاً شخصياً subjective - لأنه لم يكن من وجود للحواس والإنطباعات الإنسانية آنذاك.

فهل أن الجمال صفة طبيعية موجودة هكذا في الكون، بشكل مستقل عن وجود أو عدم وجود الإنسان؟

يبدو إذن أن كنه الجمال إشارة من الطبيعة إلى الحيوية والنمو والتكامل، أي أن الطبيعة ذات إدراك واتجاه تعلن عنه بخاصيّة الجمال. وتتكامل هذة الفكرة أيضاً بخاصيّة النفور من ظواهر التفسخ والإنهدام.

ولا تنفرد اللوتس طبعاً بصفة الجمال فهناك مستحاثات لزهور أخرى ظهرت قبل التاريخ ، ونفس السؤال حول صفة الجمال صالح لها: هل إن العناصر التي تدخل في الإحساس بالجمال - كتناسق اللون والتناظر- تعبير عن التفضّيل الواعي للطبيعة الحيّة لاتجاه الإنسجام والرونق؟

الجمال ، والدافع الجنسي بهدف التوالد 🔗

يبدو أن عنصر الجمال يخدم في دوافع الإستمرارية والتوالد.

يبيّن البروفسور Richard Prumفي كتابه “تطوّر خاصية الجمال” (*) أن مقومّات الإحساس بالجمال لدى عديد من الحيوانات عامل أساسي في الإنتقاء الجنسي. ففي عملية الإنتخاب للإلقاح الجنسي لدى الطيور - وهي كائنات سابقة لوجود الإنسان - تنتقي الأنثى الذكر ذو الألوان الأكثر غزارة وتنجذب إلى الإشعاع الجمالي Aesthetic radiation الذي يولدّه بما يشكلّ لها ايحاءً ضمنياً بقوة الذكر وصحتّه (وبالتالي في جدارته في أن تحمل مورثاته في الجيل التالي).

وإضافةً لعنصر البهر بالألوان هناك نواح فنية أخرى كأداء الغناء والرقص بما يثير الأنثى لتفضيل مرشح معينّ للإلقاح من بين منافسين. وصحّة هذة الملاحظة قابلة للتحقق في عدد من الطيور والحيوانات حالياً والتي انحدرت من كائنات سابقة لظهور الإنسان.

لاشكّ أن هناك خواص عديدة مختلفة تعمل في ديناميكية الحياة في الطبيعة، ولكن فعالية عنصر الجمال دليل على اتجاه الإنتقاء والتفضيل - في كنه الوجود.

مدلول صفات زهرة اللوتس على حياة الإنسان 🔗

كما تشير إليه الآثار والسجلاّت القديمة، كان تقدير الحضارات لزهرة اللوتس في المجال الروحي تلقائياً أوشبه فطري، فلماذا حصل ذلك؟ هناك التفسير حول أن السبب في ذلك كان الإنجذاب بجمالها أوعطر رائحتها، ولكن هذا التفسير سطحي - فهناك الكثير من الزهور التي تشترك في هذة الصفات العامّة.

يمكن القول أن اللوتس قد أثارت في الفكر الإنساني مشاعراً خفية بأن لها مدلول ذو معنى هام، وإلاّ لما كان هناك من مبرر لظهورها في الشعائر الروحية القديمة أو في استخدامها في طقوس وداع الموتى، وكذلك في اتخاذها رمزاً أساسياً في مفهوم إتجاه الإنسان إلى حقل الإنارة الفكرية.

وقد ارتبط إسم الزهرة بسجل تعاليم سوترا اللوتس، التي تعتبر أقدم بيان من الفكر الإنساني حول المساواة بين كل الأفراد في إمكانية الحياة بسعادة، وتحويل ظروف الواقع (المثقل بالمصاعب والبعيد عن الكمال) إلى وضع من الإتزان والنقاء لايتأثّر بشوائب المحيط.

ويورد هذا الكتاب عدداً من المصادر التي تصورّ إقران الإنسان بزهرة اللوتس، في تراث الحضارات المذكورة. على أن أعمق إقتران للوتس بحياة الإنسان، كان اتخاذها إسماً شخصيّاً من قبل المصلح الإجتماعي"نيتشيرين" الذي ظهر في اليابان في القرن الثالث عشر، وقد كان مناسباً في هذا الكتاب الإشارة إلى مقتطفات مختصرة من كتاباته التي تركز أساساً على المغزى الروحي للوتس.

فلسفة اللوتس وظاهرة اللامركزية في الإدراك 🔗

يستند هذا الكتاب إلى مصادر أكاديمية في موضوع تقدمّه فلسفة اللوتس حول إمكانية الفرد العادي إدراك حقل الإنارة. وقدّ أثار هذا المفهوم ثورة في مجال الفكر البوذي التقليدي القديم، والذي يخصّ البودا فقط بخاصيّة الإنارة من غير الناس العاديين.

وكما يبيّن المعلم نيتشيرين فإن حقل الإنارة إمكانية طبيعية في كل فرد، وليس خاصيّة مركزية صالحة لشخص واحد فقط. فقانون الحياة يعمل في كل الظواهر وأي إنسان يمكن أن يدركه في حياته عبر جهوده واخلاصه في التوق إلى الإنارة ومساعدة الآخرين. هذا بالذات ما اكتشفه البودا في تجربته الحياتية. ونفس الأمر ينطبق على كل من يتبع تعاليمه التي تبيّن ذلك المنهج في سوترا اللوتس.

وفي مجال العلوم، ظهرت حقيقة “الإكتشافات المتزامنة” لدى ملاحظة توصّلْ أفكار أشخاص متباعدين إلى نفس الإكتشافات. وقد توضّحت هذة الظاهرة بشكل أعمق في مفهوم اللامركزية في الإنجاز الفكري والثقافي والروحي – حقيقة يمكن إثباتها في حقل الإنسانية. وكما تأتي به فلسفة اللوتس، ليس هناك من مركزية تخصّ شخصاً أو أشخاصاً مختارين دون غيرهم في مجال إنارة الفكر الإنساني، مما يلغي أسس التحيّز ويفتح آفآق الفكر إلى حبور المشاركة الإنسانية.

ماهي الفائدة العمليّة لحقيقة “اللامركزية في الإدراك”؟ 🔗

يساعد مفهوم اللامركزية في الإدراك على ايقاد الوعي الصحيح للفكر وتمتين أسلوب العقلانية والمنطق في رؤية الأمور، وذلك بإزالة فرضيات التحيّز والإدعاء الذي لايستند إلى الواقع.

وبمجرّد أن يعترف الفرد أن ما يفكّر فيه في هذة اللحظة من أمر ذو فائدة - إنما من الممكن أن يتحرّض أيضاً في مخيلة شخص آخر (أو حتى عدد من الأشخاص في العالم)، فإن شعوراً بالترابط والوحدة الإنسانية مع الآخرين يحل محل التفرقة والإنقسام والتباعد.

وإذا كانت نفس الفكرة التي تبزغ في وعي فرد معيّن قابلة أيضاً للظهور في فكر شخص آخر، إذن لا بدّ أن يكون هناك من سبب يجعل من تحويل تلك الفكرة النظريّة إلى فائدة عملية - من أحقّية هذا أو غيره.

إن الإنسان الذي ينغمس بتوق ورغبة في بذل كل مجهود يقوم به لتحقيق الفكرة البازغة في الفكر إنما هو الشخص الذي يستطيع جلب الفائدة العملية لها (والتي سوف تنعكس عليه وعلى حياة الآخرين).

وكما أنّ الزهرة الكاملة في الوقت الحاضر كانت محتواة سابقاً ضمن البذور كمجردّ إمكانية، كذلك فإن النتيجة المستقبلية لما يقوم به الفرد كامنة ضمن السبب الحالي. وبتوافر الظروف والجهود تصبح النتيجة بطبيعة الحال حقيقة واقعة.

css

صفوان دارشمس

.تم تعيين آخر مكان وصلتم اليه