الفصل التاسع
انطباعات زهرة اللوتس في المجتمع الحديث 🔗
من الغريب حقاً أن يستمر الإهتمام بزهرة اللوتس عبر الزمن، بل وأن ينتشر في عديد من المجالات. ولربما يدل ذلك على أن هناك حقول فكرية مشتركة بين المجتمع الحديث والمجتمعات القديمة البائدة - التي أولت اللوتس اهتماما خاصّاً لما كانت ولاتزال توحيه من قيم.
والبحث الرقمي على شبكة الإنترنت كافٍ للإشارة إلى مئات الملايين من المواقع المختلفة حول اللوتس في مجالات الثقافة، البحث العلمي، الصناعة، البناء، الفن وغير ذلك من حقول، منها أيضاً اتخاذ الزهرة رمزاً وطنياً أو روحياً في عدد من البلدان.
وعلى سبيل المثال، تورد الصفحات التاليات صوراً حول تأثير زهرة اللوتس على عدد من الفعاليات الحضارية في الزمن الحديث.
اللوتس كرمز للقيمة والتقدير 🔗
إن ما يوضع عادة من صور أو رموز على اوراق العملة الوطنية أو على قطعها النقدية – يعبّر عن ماهو مصدر تقدير واعتبار.
هناك اصدارات للعملة المحلية في عديد من الدول تحمل صورة اللوتس رمزاً للثراء والقيمة، وكمثال:




اللوتس كشعار وطني 🔗





وهناك عدد من المدن في الولايات المتحدة الأمريكية تحمل اسم Lotus
بعض التأثيرات الثقافية والفنّية الحديثة لزهرة اللوتس 🔗
إن استمرار الاهتمام بزهرة اللوتس عبرآلآف السنين - بدءاً من مهارة تصاوير فناني مصر القديمة وحتى العصر الحاضر – هذا الولع الفني بحدّ ذاته أحجية نفسيّة تشير إلى اتقاد روح الجمال في المشاعر الإنسانية عبر العصور وحول نفس موضوع التعبير.
هناك احتفالات اجتماعية وترفيهية، مثل “مهرجان اللوتس في واشنطن وكذلك مهرجان للأشعارحول اللوتس في قصائد من عدد من اللغات. هناك منتجات فنيّة كثيرة حالياً حول موضوع اللوتس، تعرض في المتاحف الفنية (كما في سلسلة لوحات الفنان Claude Monet الشهيرة) أو هي تعرض على الإنترنت وعددها بالآلآف – ولمجردّ الإشارة:


ولعل المنشأة الفنية المتحركة لزهرة للوتس Breathing Lotus عند مدخل متحف الفن الآسيوي في سان فرانسيسكو تستحق الذكر، حيث انها قدصممت لتتحرك أوراقها مع هبوب الهواء وكأنها تتنفس بحيوية.
استخدام اللوتس في مواد التجميل 🔗
هناك إقبال طبيعي على استخدام مواد التجميل المصنوعة من مصادر نباتية ومن بينها تلك المستخرجة من اللوتس، حيث تعتمد صناعة هذة المواد على دراسات بينت فعالية جذوراللوتس في المواد المضادة للشيخوخة، كما يبين البحث التالي من المجلّة البحثية لعلوم مواد التجميل النباتية:
وجدير بالذكر في هذا المجال أيضاً أن عطر اللوتس ذو تاريخ مديد وجاذبية خاصّة في صناعة العطور.
التنظيف الذاتي للوتس في استخدامات صناعية 🔗
تحولّت ظاهرة النقاء والتنظيف التلقائي التي تتمتع بها زهرة اللوتس من مدلول فلسفي روحي إلى خاصية صناعية ذات فائدة في انتاج سطوح مضادة للتلوث. وقد سجلّت وكالة ناسا NASA براءة اختراع في مجال صناعة سطوح تنزلق منها أوساخ المحيط دون أن تتراكم عليها، مما له فائدة في حماية أغلفة التجهيزات الفضائية:
“يشكل تواجد الحشرات الصغيرة في الجو مشكلة قي اصطدامها بسطح المكوك الفضائي - إذ تلتصق عليه الحشرات والأوساخ مما يسبب حصول تخرش فيه - وهذا يؤدّي لاحقاً إلى زيادة في مقاومة الهواء المضادة لإندفاع أجنحة المكوك الفضائي. وقد نجح المهندسون في تلافي ذلك في استخدام طلاء خاص مصنّع حسب خاصيّة التنظيف الذاتي للوتس Lotus Effect” .
تعتمد خاصية التنظيف الذاتي للوتس على دقّة الأنسجة التي تشكل سطح أوراقها، وهي خلايا بالغة في الصغر تجعل حبيبات الماء عليها تطوف فوقها دون تغلغل ثم تنزلق بالتالي خارجاً.
وبما أن حبيبات الماء تنقل الكائنات الدقيقة من رتبة الباكتيريا، لذلك اتجه المهندسون إلى تصميم سطوح معدنية أوبلاستيكية تعتمد على خاصيّة التنظيف الذاتي للوتس بما يمكن من انتاج مواد مضادة لتغلغل الماء – وبالتالي إلى الحماية مما يحمله الرذاذ من باكتيريا.
هناك عديد من الأبنية المختلفة الحجم صممت على شكل زهرة اللوتس مما يشير إلى تقدير المهندسين إلى الناحية الجمالية والشكل المتناسق والمتناظر للزهرة، ولما توحي به من معان.
ولعل التصميم العماري لأكبر ملعب لكرة القدم في العالم (بسعة مئة ألف مقعد) في مدينة كوانكزهو الصينية من اكثر الأمثلة التصميمية للضخامة في حجم المنشآت – متخذاً اللوتس شكلاً بنائياً. كان التصميم الأولي يكاد أن يكون مطابقاً لشكل الزهرة، ولكن استعيض عنه فيما بعد بتصميم أكثر تجريدية لشكل اللوتس وذلك نظراً للإقتصاد في التكاليف ولأمور إدارية.
وقد اتجه المصممون في التعديل الحالي إلى مبدأ فصل الغطاء العلوي للملعب عن القاعدة. وبذلك تمكن المصممون من اضافة عدد كبير من المحلات التجارية ومن دور التمارين والألعاب الرياضية ضمن الغطاء العلوي للملعب، مما يعطي فكرة عن تعدد الإستخدامات في مجمل هذا البناء. وينتظر انهاء العمل في هذا المشروع في نهاية 2023.


كذلك صمم ملعب Century Lotus Stadium في مدينة Foshan فوشان من مقاطعة كواندونك – بشكل تاج من ايحاء زهرة اللوتس.
وهو ملعب متعدد الوظائف يتجاوز استيعابه ال36.000 مقعد.
وقد أنجزت شركة ألمانية بناء الستاديوم الذي افتتح في عام 2006.
يظهر بناء اللوتس Lotus Building في مدينة فوجين Wujin الصينية المراحل الثلاث للزهرة من البرعم الصغير إلى الزهرة المتفتحة إلى مرحلة النضج النهائي مع جراب (أوحاوية) البذور. وقد تم بناؤه من قبل شركة استرالية في 2015. والمبنى مستقرّ لإدارات مكتب تخطيط المدينة ويضم قاعات محاضرات ومراكز ادارية مع صالات للإجتماعات ويحتوي على طابقين تحت سطح البحيرة الإصطناعية. ومما يزيد ذلك المبنى جمالاً تأثير الإضاءة الملونة على البتلات الخارجية.


تم تصميم متحف العلوم والفنون Art-Science Museum في سينكافورا على شكل تجريدي للوتس، ويحتوي على واحد وعشرين معرضاً كاليري من محتويات متطورة تدمج الفنون بالعلم والتكنولوجيا الحديثة. وقد أنجز تصميمه المهندس موشية صفدي، وافتتح في عام 2011.
ولاشك أن شكل زهرة اللوتس ذو جاذبية جمالية كبيرة، مما يناسب الأبنية الخاصة بتقديم وظائف ذات استخدام جماعي. وقد استخدام شكل اللوتس في تصميم شيّق لمطعم معلّق مع حديقة داخلية في مدينة “دالات” الفييتنامية - من تصميم وإنشاء شركة VHA العالمية.
ولربما يعتبر بناء Lotus Temple في نيودلهي من أشهر المنشآت جمالاً وتناسقاً - وهو المكان الروحي للديانة البهائيية. وقد قام بتصميمه المهندس فاريبوز صهبا الإيراني.
بدأت أعمال الإنشاءات في 1980 واستغرق العمل في البناء مدّة ستة سنوات، بكلفة تقدر ب 20 مليون دولار. وقد استخدم الرخام الأبيض للبتلات (أو أوراق اللوتس على سطحه وعددها 27 ). وقد اقتطع الرخام في مناجمه في اليونان، ثم جرى تصنّيعه في ايطاليا قبل شحنه إلى مكان البناء في الهند.


ويتسّع البناء إلى 2500 شخص، ويبلغ ارتفاعه 40 متراً تحيط به 9 بحرات تعمل أيضاً على تلطيف الجو المحيط. حاز هذا البناء على جوائز عديدة في مجال العمران. وهو مكان يجذب حوالي 4 ملايين زائر سنوياً.